فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة البقرة: الآيات 6- 7]:

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7)}.

.اللغة:

{سَواءٌ} اسم بمعنى الاستواء أجري مجرى المصادر فلذلك لا يثنّى ولا يجمع قالوا: هما وهم سواء فإذا أرادوا لفظ المثنّى قالوا:
سيّان وإن شئت قلت سواءان وفي الجمع هم أسواء وأيضا على غير القياس: هم سواس وسواسية أي متساويان ومتساوون والسّواء:
العدل الوسط بين حدّين يقال: ضرب سواءه أي وسطه وجئته في سواء النهار أي في منتصفه، وإذا كانت سواء بعد همزة التّسوية فلابد من أم اسمين كانت الكلمتان، أم فعلين وإذا كان بعدها فعلان بغير همزة التّسوية عطف الثاني بأو، نحو: سواء عليّ قمت أو قعدت وإذا كان بعدها مصدران عطف الثاني بالواو أو بأو، نحو سواء عليّ قيامك وقعودك. وقيامك أو قعودك {غِشاوَةٌ} فعالة من غشاه أو غشيه إذا غطّاه وهذا البناء لما يشتمل على الشيء كالعصابة والعسامة ويجوز في الغين الكسر والضّمّ والفتح.

.الإعراب:

{إِنَّ الَّذِينَ} إنّ واسمها وجملة {كَفَرُوا} من الفعل والفاعل لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول {سَواءٌ} خبر مقدم أو خبر إنّ {عَلَيْهِمْ} جار ومجرور متعلقان بسواء {أَأَنْذَرْتَهُمْ} همزة الاستفهام بمعنى التسوية وهي والفعل بعدها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخّر أو فاعل نسواء الذي أجري مجرى المصادر والجملة خبر إنّ {أَمْ} عاطفة متصلة وسيأتي حكمها في باب الفوائد {لَمْ تُنْذِرْهُمْ} لم: حرف نفي وقلب وجزم وتنذرهم فعل مضارع مجزوم بلم والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجملة معطوفة على جملة أأنذرتهم {لا} نافية {يُؤْمِنُونَ} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو فاعل وجملة: {لا يؤمنون} خبر بعد خبر ولك أن تجعلها تفسيرية لا محل لها من الاعراب {خَتَمَ} فعل ماض {اللَّهُ} فاعل {عَلى قُلُوبِهِمْ} الجار والمجرور متعلقان بختم {وَعَلى سَمْعِهِمْ} عطف على قوله: {على قلوبهم} {وَعَلى أَبْصارِهِمْ} الواو استئنافية والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم {غِشاوَةٌ} مبتدأ مؤخر {وَلَهُمْ} الواو حرف عطف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف {عَذابٌ} مبتدأ مؤخر {عَظِيمٌ} نعت لعذاب والجملة معطوفة على الجملة السابقة.

.البلاغة:

1- في إسناد الختم إلى القلوب استعارة تمثيلية فقد شبّهت قلوبهم في نبوّها عن الحقّ وعدم الإصغاء إليه بحال قلوب ختم اللّه عليها وهي قلوب البهائم وهو تشبيه معقول بمحسوس أو هو مجاز عقليّ وهو باب واسع عند العرب يقولون: سال بهم الوادي إذا هلكوا وطارت بفلان العنقاء إذا طالت غيبته.
2- وحدّ السمع لوحدة المسموع دون القلوب والابصار لتنوّع المدركات والمرئيات.
3- تنكير العذاب هنا فيه إشارة إلى أنه نوع منه مجهول الكمّ والكيف ووصفه بعظيم لدفع الإيهام بقلّته وندرته، والتأكيد بأنه بالغ حد العظمة.

.الفوائد:

1- همزة التسوية هي الواقعة بين سواء وبعد ما أبالي وما أدري وليت شعري وضابطها: أنها الهمزة التي تدخل على جملة يصح حلول المصدر محلها كما تقدم.
2- أم: لها حالان:
آ- متصلة وهي منحصرة في نوعين وذلك لأنها إما أن تتقدّم عليها همزة التسوية كما في الآية أو همزة يطلب بها التّعيين نحو:
أزيد في الدّار أم عمرو؟ وسميت متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر وتسمى أيضا معادلة لمعادلتها الهمزة في النوع الأول إذ كلتاهما تفيد التسوية.
ب- منقطعة وهي المسبوقة بالخبر المحض نحو قوله تعالى: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه} وسميت منقطعة لانقطاع ما بعدها عما قبلها فكل منهما كلام مستقل لا ارتباط له بالآخر.

.[سورة البقرة: الآيات 8- 10]:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10)}.

.اللغة:

{النَّاسِ} اسم جمع لا واحد له من لفظه ومادّته عند سيبويه والفراء همزة ونون وسين، وحذفت همزته شذوذا وأصله أناس وقد نطق القرآن بهذا الأصل قال تعالى: {يوم ندعو كلّ أناس بإمامهم} وذهب الكسائيّ إلى أن مادته نون وواو وسين مشتقّ من النّوس وهو الحركة يقال: ناس ينوس نوسا والنّوس تذبذب الشيء في الهواء ومنه نوس القرط في الأذن وسمّي أبو نواس بذلك لأن ذؤابتين كاتنا تنوسان عند أذنيه واسمه الحقيقي الحسن بن هانيء، وإنما أطلنا في هذا البحث لأن بعض المعاجم الحديثة خلط في أصله فأورده في مادة أنس وبعضها أورده في مادة نوس وأضاعوا بذلك الطالب والمراجع في متاهات لا منافذ منها.
{يُخادِعُونَ} الخداع في الأصل: الإخفاء ومنه الأخدعان وهما عرقان مستبطنان في العنق ومنه أيضا المخدع وهو داخل البيت ثم أطلق على اظهار غير ما في النفس.
{يَشْعُرُونَ} الشعور: ادراك الشيء من وجه يدقّ ويخفى وهو مشتق من الشعر لدقته، وقيل هو الإدراك بالحاسة فهو مشتقّ من الشعّار وهو ثوب يلي الجسد ومشاعر الإنسان: حواسّه وشعر بالأمر من بابيّ نصر وكرم: علم به وفطن له، ومنه يسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته. والتحقيق أنّ الشعور إدراك ما دقّ من حسّيّ وعقليّ.
{مَرَضٌ} المرض: مصدر مرض ويطلق في اللغة على الضّعف والفتور وقالوا: المرض في القلب: الفتور عن الحق، وفي البدن فتور الأعضاء، وفي العين فتور النظر وهو جميل يتغنّى به الشعراء قال:
مرضي من مريضة الأجفان ** علّلاني بذكرها علّلاني

ويطلق المرض فيراد به الظّلمة قال:
في ليلة مرضت من كلّ ناحية ** فما يحس بها نجم ولا قمر

.الإعراب:

{وَمِنَ النَّاسِ} الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق لذكر المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم وكفروا بقلوبهم فقد افتتح سبحانه، بذكر المتقين ثم ثنّى بالكافرين ظاهرا وباطنا، وثلّث بالمنافقين، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم {مِنَ} اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخّر ويجوز أن تكون من نكرة موصوفة في محل رفع مبتدأ مؤخر كأنه قيل: ومن الناس ناس وسيأتي بحثها {يَقُولُ} فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره هو والجملة الفعلية لا محل لها من الاعراب صلة لمن إذا كانت موصولة وصفة لها إذا كانت نكرة موصوفة {آمَنَّا} فعل وفاعل والجملة الفعلية في محل نصب مقول للقول: {بِاللَّهِ} الجار والمجرور متعلقان بآمنا {وَبِالْيَوْمِ} عطف على باللّه {الْآخِرِ} نعت لليوم {وَما} الواو حاليّة وما نافية حجازية تعمل عمل ليس {هُمْ} ضمير منفصل في محل رفع اسم ما {بِمُؤْمِنِينَ} الباء حرف جر زائد للتوكيد لأنه ليس في القرآن حرف جر زائد ولكنه الاصطلاح النحوي جرى على ذلك فهو عند البلاغيين حرف لا يستغنى عنه والجملة الاسمية في محل نصب على الحال {يُخادِعُونَ} فعل مضارع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل والجملة الفعلية مستأنفة كأنه قيل: لم يتظاهرون بالإيمان؟ فقيل: يخادعون ويحتمل أن تكون حالية من الضمير المستكنّ في يقول، أي مخادعين اللّه والذين آمنوا {اللَّهَ} مفعول به ليخادعون {وَالَّذِينَ} عطف على اللّه {آمَنُوا} الجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة الموصول {وَما} الواو حالية وما نافية {يَخْدَعُونَ} فعل مضارع مرفوع وعلامه رفعه ثبوت النون والواو فاعل {إِلَّا} أداة حصر {أَنْفُسَهُمْ} مفعول به والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة {وَما} الواو عاطفة أو استئنافية وما نافية {يَشْعُرُونَ} فعل مضارع مرفوع والجملة عطف على جملة وما يخدعون أو مستأنفة {فِي قُلُوبِهِمْ} الجار والمجرور خبر مقدم {مَرَضٌ} مبتدأ مؤخر {فَزادَهُمُ} الفاء حرف عطف وزاد فعل ماض والهاء مفعول به والجملة عطف على ما تعلق به الخبر ويحتمل أن تكون الفاء استئنافية وجملة: {زادهم اللّه} دعائية لا محل لها {اللَّهُ} فاعل زادهم {مَرَضًا} مفعول به ثان وزاد يستعمل لازما ومتعديا لاثنين ثانيهما غير الأول {وَلَهُمْ} الواو عاطفة أو استئنافية والجار والمجرور خبر مقدم {عَذابٌ} مبتدأ مؤخر {أَلِيمٌ} صفة لعذاب {بِما} الباء حرف جر للسببية وما اسم موصول في محل جر بالباء {كانُوا} كان واسمها {يَكْذِبُونَ}.
فعل مضارع وفاعل والجملة خبر كانوا وجملة كان واسمها وخبرها لا محل لها لأنها صلة الموصول ويجوز أن تكون مصدرية والمعنى على الأول بالذي يكذبونه وعلى الثاني بسبب كونهم يكذبون والجار والمجرور صفة ثانية لعذاب أو مصدر أي بسبب كونهم يكذبون.

.البلاغة:

1- المشاكلة في قولهم يخادعون اللّه لأن المفاعلة تقتضي المشاركة في المعنى وقد أطلق عليه تعالى مقابلا لما ذكره من خداع المنافقين كمقابلة المكر بمكرهم ومن أمثلة هذا الفنّ في الشعر قول بعضهم:
قالوا التمس شيئا فجد لك طبخه ** قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

2- المجاز: في الخداع المنسوب إليه لتعاطيهم أفعال المخادع ظنا منهم أنهم يستطيعون ذلك لصدق نفيه ولذلك قال: وما يخدعون إلا أنفسهم.
3- الاستعارة التصريحية في قوله: {في قلوبهم مرض} حيث استعير المرض لما ران على قلوبهم من جهل وسوء عقيدة وما إلى ذلك من ضروب الجهالات المؤدية إلى المتالف.

.الفوائد:

1- تأتي من نكرة موصوفة في موضع يختص بالنكرة كقول سويد بن أبي كاهل:
ربّ من أنضجت غيظا قلبه ** لو تمنّى لي موتا لم يطع

2- ما الحجازية هي العاملة عمل ليس وإنما سميت حجازية لأن التنزيل جاء بلغة أهل الحجاز وأحكامها مبسوطة في كتب النحو.

.[سورة البقرة: الآيات 11- 13]:

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13)}.

.اللغة:

الفساد: خروج الشيء عن حال استقامته ونقيضه الصلاح، والفساد في الأرض: تهييج الحروب، وإثارة الفتن، والإخلال بمعايش الناس.
{السُّفَهاءُ} جمع سفيه وهو المنسوب للسّفه والسّفه: خفّة رأي وسخافة يقتضيهما نقصان العقل، ويقابله الحلم يقال سفه بكسر الفاء وضمّها.

.الإعراب:

{وَإِذا} الواو استئنافية والجملة بعدها مستأنفة لا محل لها ويجوز أن تكون الواو عاطفة والجملة بعدها معطوفة على جملة يكذبون فتكون في موضع نصب عطفا على خبر كان والمعطوف على الخبر خبر فهي بهذه المثابة جزء من السبب الذي استحقوا به العذاب الأليم وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه {قِيلَ} فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه تقديره يعود على اللّه تعالى وفي هذا التعبير بحث هام سيأتي في باب الفوائد وجملة: {قيل} في محل جرّ بإضافة الظرف إليها {لَهُمْ} الجار والمجرور متعلقان بقيل {لا} الناهية الجازمة {تُفْسِدُوا} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل {فِي الْأَرْضِ} الجار والمجرور متعلقان بتفسدوا {قالُوا} فعل وفاعل والجملة الفعلية لا محل لها من الاعراب لأنها جواب شرط غير جازم {إِنَّما} كافة ومكفوفة {نَحْنُ} مبتدأ {مُصْلِحُونَ} خبر نحن مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة في محل نصب مقول القول: {أَلا} حرف تنبيه يستفتح بها الكلام {إِنَّهُمْ} إن حرف مشبه بالفعل والهاء اسمها {هُمُ} ضمير فصل أو عماد لا محل له من الاعراب ولك أن تعرب هم مبتدأ {الْمُفْسِدُونَ} خبره والجملة الاسمية في محل رفع خبر إن {وَلكِنْ} الواو عاطفة ولكن مخففة من الثقيلة لمجرد الاستدراك {لا} نافية {يَشْعُرُونَ} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة معطوفة على ما تقدم {وَإِذا قِيلَ} الواو استئنافية أو عاطفة وقد تقدم الكلام عنها وجملة: {قيل} الفعلية في محل جر بإضافة الظرف إليها {لَهُمْ} الجار والمجرور متعلقان بقيل وجملة: {قيل} في محل جر بإضافة الظرف إليها {آمِنُوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو والجملة لا محل لها لأنها مفسرة ونائب الفاعل مصدر وهو القول وقد أضمر لأن الجملة بعده تفسرة والتقدير: وإذا قيل لهم قول هو آمنوا لأن الأمر والنهي قول وقد منع النحاة أن تكون الجملة قائمة مقام الفاعل لأن الجملة لا تكون فاعلا فلا تقوم مقامه {كَما} الجار والمجرور نعت لمصدر محذوف والتقدير آمنوا إيمانا كإيمان الناس، واختار سيبويه أن يكون في محل نصب على الحال سواء أكانت الكاف حرفا أم اسما بمعنى مثل وصاحب الحال هو المصدر المفهوم من الفعل المتقدم وما مصدرية {آمَنَ النَّاسُ} فعل وفاعله {قالُوا} فعل وفاعل وإذا متعلقة بقالوا والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم.
{أَنُؤْمِنُ} الهمزة للاستفهام الإنكاري.
ونؤمن فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن {كَما} تقدم إعرابها قريبا {آمَنَ السُّفَهاءُ} فعل وفاعل {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ} تقدم إعراب نظير هذه الجملة قريبا.

.البلاغة:

1- في الآية خروج الاستفهام من معناه الأصلي وهو طلب العلم إلى أغراض أخرى تفهم من مضمون الكلام وتفصيله في علم المعاني ومردّ ذلك إلى الذوق السليم وقد صدق فولتير حيث يقول: ذوقك أستاذك.
2- التغاير: وهو فنّ يكاد يكون من المرقص فقد وردت في الفاصلة الأولى {لا يشعرون} ووردت في الفاصلة الثانية {لا يعلمون} لسرّ عجيب لا يدركه إلا الملهمون وتفصيل ذلك: أن أمر الديانة، والوقوف على أن المؤمنين هم على الحقّ وأما المنافقون فهم على الباطل، هو أمر يحتاج إلى بعد نظر واستدلال حتى يكتسب الناظر العلم والمعرفة وأما النفاق وما فيه من البغي المؤدي إلى اشتجار الفتنة، واستبحار الفساد في الأرض، فأمر دنيويّ مبنيّ على العادات، وهو معلوم عند الناس، بل هو بمثابة المحسوس عندهم فلذلك قال فيه:
لا يشعرون وأيضا فإنه لما ذكر السّفه في الآية الثانية وهو جهل مطبق كان ذكر العلم أكثر ملاءمة فقال: لا يعلمون وهذا من الدقائق فتنبّه له.

.الفوائد:

1- نائب فاعل قيل: يقدره النحاة ضميرا لمصدره وجملة النهي مفسرة لذلك الظرف وقيل الظرف نائب الفاعل فالجملة في محل نصب.
واختلفوا في وقوع الجملة فاعلا أو نائب فاعل والوجه أن الجملة التي يراد بها لفظها يحكم لها بحكم المفردات ولهذا تقع مبتدأ نحو لا حول ولا قوة كنز من كنوز الجنة وفي المثل: زعموا مطيّة الكذب ولهذا لم يحتج الخبر إلى رابط.
2- {أَلا} قيل: هي حرف بسيط يفتتح به الكلام وينبّه على أن ما بعده متحقّق لا محالة، وقيل: هي حرف مركب من همزة الاستفهام وحرف النفي، والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا وأختها {أما} التي هي من مقدمات اليمين على حدّ قوله:
أما والذي بكى وأضحك والذي ** أمات وأحيا والذي أمره الأمر